«شئ ما ينقص المشهد، لكنني لم أدركه بعد... تتوقف سيارة الإسعاف أمامي بينما يخرج المسعف النقالة التي تحمل جسدًا ضئيلًا مغطى بملاءة بيضاء... الهواء مالح وحلقي جاف، يتملكني الوهن، لكنني لا أقدر على مقاومة التطلع للجسد المسجى أمامي فأقترب من سيارة الإسعاف... لا يتحرك الجسد أبدًا وتكشف الملاءة البيضاء عن وجهه وجزء من ذراعه، أتطلع إلى الوجه الذي أحفظ ملامحه جيدًا كما أراها في المرآة، تفتح الفتاة عينيها فأتهاوى على الأرضية وتعود اليد أمامي».
من نحن بلا ذاكرتنا؟
انطلاقًا من هذا السؤال المحوري تبدأ «صفاء» رحلة مواجهة لهواجسها المتشابكة مثل أوراق شجرة سرو، فتنتقل الحكاية بين خطين زمنيين؛ قبل وبعد حادثة القطار التي تظل البطلة أسيرة لمشهدها الضبابي.
«هواء مالح» رواية معنية بالذاكرة، لكنها أيضًا رواية عن الحب؛ تتأرجح بين فكرة حقيقته ووهمه، حيث تخوض البطلة رحلة ملاحقة لذلك الحب من الإسكندرية مرورًا بمطروح إلى سيوة، وخلال تلك الرحلة التي يُمثّل فيها المكان بتفاصيله وطبيعة ساكنيه من البدو بطلاً مؤثرًا، تجد البطلة نفسها في محاولات دائمة للتأقلم مع محيطها، تُقابل هواجسها وجهًا لوجه في مسرح جريمة محاولة باستمرار العودة لتفاصيل حياتها التي فقدتها.