لم يكن صحيحًا أن اهتمام الأستاذ العقاد بالإسلام والمنافحة عنه، كان على حساب اهتمامته الفكرية والفلسفية، نعم بدت إرهاصات هذه الاهتمامات من بداية حياته، ودلَّت عليها أعماله الأولى، وهو فى صدر الشباب، وتضمنت هذه البواكير عناية ملحوظة بفلسفة الجمال والحرية، وبالفلسفة والفلاسفة، ووضحت فيها عقليته الفذة التى أبحرت فى كل أبواب الفكر والحكمة والفلسفة، ولكنها لم تنقطع بكتابته عن الإسلام واستمرت هذه الاهتمامات مصاحبة له حتى وفاته.
فإذا كان المجلدان الأول والثانى للمدينة، قد تناولا هذه الجوانب، سواء فى كتبه الأولى، أو فى مقالاته، أو مجموعاته، كما تناول المجلد الثالث العبقريات والتراجم الإسلامية، إلَّا أن الغاية هنا فى هذا المجلد منصرفة إلى استقصاء أعمال الأستاذ العقاد فى الفكر والفلسفة على التخصيض، وعن عباقرة الفكر والفلسفة فى الشرق والغرب، واقتضى ذلك الطواف بأعماله التى تجلت فيها هذه الجوانب، ما بين الشرق والغرب، وما بين الفكر والفلسفة، والحكمة والحياة، ليجد فيها القراء ما وجدوه فى المجلدات الثلاثة الأولى من متعة الطواف فى مدائن العقاد..