ينفرد القرآن الكريم بين كتب الديانات كافة؛ بأنه كلام الله تعالى بنصه ولفظه وحرفه ومعناه. هو معجزة الإسلام الكبرى. تحدَّى مَنْ بهم ريب أن يأتوا بسورة من مثله لو كانوا صادقين، وتحدَّى الإنس والجن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، وقد مضى على نزول القرآن نيَّف وأربعة عشر قرنًا فما استطاع أحدٌ كائنًا مَنْ كان أن يُجيب هذا التحدي، أو يأتي ولو بآية من مثله.
على مدى هذه القرون، والقرآن المبين نور وهداية للعالمين. لم يستطع أحدٌ أن يفترى أو يحاكى آيةً منه، ولم يشغل المؤمنين سوى صيانة طبعاته المتزايدة التى أربت على ألوف البلايين، من حذف كلمة أو تحريف لفظ أو المساس بحرف؛ حمايةً لهذه المعجزة الربانية الباهرة التى طفقت تهدي البشرية – ولا تزال – طَوال أربعة عشر قرناً وإلى ما شاء الله.
استدعى البيان، اللغو والتطاول على القرآن الكريم، والدعوة اللاغية التى انطلقت من باريس تطالب بحذف آيات من القرآن الكريم، ومع أن هذه الدعوة حملت معاول هدمها الذاتية، وكشفت بنفسها أغراضها ومآربها، إلَّا أنه كان واجباً بيان ما فيها من هزالٍ ولغوٍ وباطل، ليس فقط بما ورد فى القرآن ذاته، بل بما ورد فى الأناجيل المسيحية ورسائل الرسل، وشهد عليه العهد القديم وتاريخ طويل مارسه الأدعياء في الادَّعاء بالباطل، ومناهضة الحق بالمغالطة فيه، فكان هذا الكتاب.