هذا الكتاب يغوص في موضوع ذي مكانة مهمة في المجالين التاريخي والقانوني، ويدمج المجالين معا حيث يتناول تاريخ القضاء المصري الحديث في حقبة زمنية لها من الأهمية منذ أن تبنى الخديو إسماعيل مشروعه التحديثي، والذي كان من قواعده ما أُدخل على النظام القضائي القائم، وخاصة مع إنشاء المحاكم المختلطة عام 1875 التي اهتدت بها المحاكم الأهلية عند تأسيسها عام ١٨٨٣.
وتعددت الجهات القضائية تبعا لكثرة أنواع المحاكم من قنصلية ومختلطة وأهلية وشرعية، مما أسفر عن تنازع الاختصاص، وبالتالي انعكس ذلك على المجتمع، فضلا عن يد السلطة القوية التي تمثلت في الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدر القضاء. وعلى الرغم من هذا المناخ القضائي، فإن مصر حصدت النتائج التي جعلتها تدور في فلك المدنية الحديثة، مما دفعها لمواصلة طريق الكفاح من أجل أن يكون هناك قضاء له استقلاليته على أرضها، وهو ما سيتبين في الجزء الثاني من هذا الكتاب.